يشهد لك بصدق نبوتك؟ وتلك الحجة هي أن القول الفصل بيني وبينكم هو أن الله شاهد علي وعليكم، والحاكم بيني وبينكم، وهو العالم بما جئتكم به، فلو كنت كاذبا لانتقم مني أشد الانتقام، إن الله سبحانه عالم تامّ العلم بأحوال عباده الظاهرة والباطنة، وخبير بمن يستحق الهداية، ومن هو باق في الضلالة، فهم لا يذكرون شبهة بشرية الرسل وغيرها إلا حسدا وحبا للزعامة، وإعراضا عن دعوة الحق وقبولها.
وفي ذلك تهديد ووعيد وإيناس للنبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يلقاه من صدود قومه وعنادهم.
ثم ذكر الله تعالى قانون الهداية والضلالة، ومضمونه: من يهده الله للإيمان فهو المهتدي إلى الحق، ومن يضلل الله بسبب بعده عن الهداية، فلن تجد لهم أنصارا يهدونهم من دون الله إلى الحق والصواب، ونحشر (نجمع) يوم القيامة في موقف الحساب هؤلاء الضالين عميا لا يبصرون بقلوبهم الحق، بكما لا ينطقون، صما لا يسمعون، أي فكما أنهم كانوا في الدنيا معطّلين هذه الحواس عن الانتفاع بها، فهم في الآخرة لا يبصرون طريق النجاة الذي يقر الأعين، ومصيرهم إلى جهنم، كلما سكن لهيبها، وفرغت النار من إحراقهم، زدناهم لهبا ووهجا وجمرا، فيثور اللهب من جديد، ويتكرر الإفناء والإعادة، زيادة في عقابهم وتحسرهم، فتلك زيادة السعير، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن عطية: فالزيادة في حيّزهم، وأما جهنم فعلى حالها من الشدة، لا يصيبها فتور.
تتركز عقيدة المشركين الوثنيين على أمرين: نسبة الشريك لله تعالى زورا وبهتانا، وإنكار البعث واليوم الآخر، بسبب تصوراتهم المادية المقصورة على الدنيا، وضعف عقولهم، وعدم إدراكهم لقدرة الله تعالى العظمى التي تختلف كل الاختلاف عن