ولئن شاء لذهب بالوحي الذي آتاه الله لنبيه، ثم لا يجد ناصرا له من الله، أو وكيلا.

والوكيل: القائم بالأمر في الانتصار، أو المخاصمة ونحو ذلك من وجوه النفع.

لكن رحمة من ربك، يترك القرآن، ولا يذهب به من صدر نبيه محمد، وهذا امتنان من الله تعالى على جميع العلماء ببقاء القرآن، إن فضل الله عليك أيها الرسول عظيم وكبير، بإرسالك للناس بشيرا ونذيرا، وباختصاصك بالنبوة، وحمايتك من المشركين، وبإنزال القرآن عليك، وحفظه في صدرك وفي المصاحف إلى يوم القيامة.

ثم تحدى الله العرب بأن يأتوا بمثل القرآن الكريم، فقل يا محمد متحديا: والله لئن اجتمعت الإنس والجن كلهم، واتفقوا وتعاونوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في بلاغته، وحسن نظمه وبيانه، ومعانيه وأحكامه، وفيهم العرب أرباب البلاغة وفرسان الفصاحة، لعجزوا عن الإتيان بمثله، حتى ولو كان الجميع متعاونين متآزرين، بعضهم لبعض ظهير، أي معين ومساعد.

وسبب نزول هذه الآية: أن جماعة من قريش قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا محمد، جئنا بآية غريبة غير هذا القرآن، فإنا نقدر نحن على المجيء بمثل هذا، فنزلت هذه الآية المصرّحة بالتعجيز، المعلمة بأن جميع الخلائق إنسا وجنّا، لو اجتمعوا على ذلك، لم يقدروا عليه.

وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس: أن جماعة من اليهود جاؤوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: كيف نتّبعك وقد تركت قبلتنا؟ وإن هذا الذي جئت به، لا نراه متناسقا، كما تناسق التوراة، فأنزل علينا كتابا نعرفه، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ.. الآية.

والعجز عن معارضة القرآن: إنما وقع في النظم ورصف المعاني، وعلة ذلك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015