إن مضمون الرسالات الإلهية الاعتقادية والأخلاقية هو واحد غير مختلف، فإن جميع الأنبياء والرسل دعوا إلى عبادة الله وحده دون إشراك، وإلى نبذ الوثنية وعبادة الأصنام.
وإلى الأخلاق الكريمة كالصدق والإحسان والوفاء بالعهد، وكان إبراهيم الخليل أبو الأنبياء عليه السلام شديد الدعوة إلى هذه الأصول المشتركة، فجاء القرآن يلزم نبينا صلّى الله عليه وسلّم باتباع ملته والاقتداء به، لاتصافه بصفات تسع هي ما يأتي في هذه الآيات:
إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» [النحل: 16/ 120- 124] .
لما كشف الله فعل اليهود وتحكّمهم في شرعهم، بذكر ما حرّم عليهم، أراد أن يبين بعدهم عن شرع إبراهيم والافتخار به، وأن يصف حال إبراهيم، ليبين الفرق بين حاله وحالهم وحال قريش أيضا.
وصف الله تعالى في هذه الآيات إبراهيم إمام الحنفاء وأب الأنبياء بتسع صفات وهي:
1- أنه كان أمة، أي رجلا جامعا للخير والصفات الحميدة ومعلما الخير، كالناس الكثير.