والمكاسب بالنهار، ومنافع الشمس والقمر للإنسان والنبات أكثر من أن تحصى، والنجوم هدايات وأضواء، إن في ذلك المذكور لدلالات واضحات لقوم يعقلون أسرارها، ويدركون فوائدها.
وفي الأرض عجائب، خلق الله فيها للناس أشياء مختلفة الألوان والأشكال والمنافع والخواص، من نباتات ومعادن وجمادات وحيوانات، إن في ذلك المذكور لدلالات على قدرة الله لقوم يتذكرون آلاء الله ونعمه، وأفضاله ومواهبه، فيشكرونه عليها. ومن نعم الله تعالى أيضا تذليله البحر للناس، وتيسيره للركوب فيه، وإباحته الأسماك المختلفة المستخرجة منه، واستخراج الحلي واللآلئ منه للبس والزينة، والاستفادة من المرجان، وعبور الفلك (السفن) فيه جيئة وإيابا، وطلب فضل الله ورزقه بالتجارة فيه، مما يوجب شكر نعمه وإحسانه على الناس بما يسّره لهم في البحار. وفي الأرض نعم كثيرة، أهمها ثلاث:
وهي تثبيت الأرض بالجبال الراسيات، كيلا تضطرب الأرض وتتحرك بأهلها، وإجراء الأنهار على وجه الأرض لتيسير الانتفاع بها، ففيها حياة الإنسان والحيوان والنبات، وإيجاد الطرق والمسالك التي تسهّل العبور والانتقال من أرض إلى أخرى، ومن بلد إلى غيره.
وفي الأرض أيضا علامات مخصوصة ومعالم طرق تشير إلى المواقع والبلدان، وهي الجبال والهضاب والرياح ونحوها التي يستدل بها المسافرون برا وبحرا، ويهتدي الناس في ظلام الليل بالنجوم. قال ابن عباس: العلامات: معالم الطرق بالنهار، والنجوم هداية بالليل.
وفي الجملة، أثبتت الآيات وجود الله ووحدانيته أولا بأجرام السماوات، وثانيا ببدن الإنسان، وثالثا بعجائب مخلوقات الحيوان، ورابعا بعجائب طبائع النباتات،