ثم قال الله تعالى مضيفا نعمة أخرى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ (?) وهذه من أجلّ نعم الله تعالى، أي على الله تقويم طريق الهدى وتبيينه، بإقامة الأدلة، وبعث الرسل، وذلك تفضّل وتكرم من الله ببيان الطريق الواضحة الموصلة إلى الحق والخير، ومن الطرق المخلوقة للعبرة والامتحان طرق جائرة حائدة عن الاستقامة، مؤدية إلى الضلالة، وعلى العاقل أن يكون حذرا منها، غير متورط بها.
ولو شاء الله لهدى الناس جميعا إلى ما يحبه ويرضاه، أي لو شاء لخلق الهداية في قلوب جميع الناس، ولم يضل أحد. ولكن الله سبحانه لم يفعل ذلك لترك الحرية للبشر، يختارون الطريق التي يرونها، فيكون الحساب على هذا الاختيار والعمل بموجبه.
لم يكتف القرآن الكريم بإيراد بعض الأدلة على قدرة الله تعالى، وإنما من أجل تقرير العقيدة وتمكينها في القلب، أورد الله سبحانه أدلة وبراهين أخرى كثيرة على قدرته الخارقة، لإثبات ألوهيته وربوبيته ووحدانيته، كيلا يبقى عذر لأحد في إنكار وجود الله، وسلطته الشاملة، وتفرده بإمداد النعم، والأفضال على بني الإنسان.
وهذه الآيات: آيات كونية فيها تعداد نعمة الله في المطر والزرع والنبات والثمار، وتبيان منافع الليل والنهار والكواكب والنجوم، وخلق أشياء كثيرة في الأرض اليابسة وفي البحار والمحيطات المائية، وتسخير السفن التي تجري فيها، وإلقاء ثوابت الجبال في الأرض وتفجير الأنهار فيها، وفتح الطرق في أنحائها وإقامة الأمارات والعلامات والنجوم على السير ليلا في آفاقها، قال الله تعالى: