الأخرى تمدح الإيمان والمؤمنين، وتزكّي أعمالهم الصالحة، وتدعوهم دائما إلى فعل الخير الفردي والجماعي، وتعدهم بجنان الخلد والعاقبة الطيبة، وهذا أنموذج للحالتين، قال الله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (31)
«1» «2» «3» «4» [إبراهيم: 14/ 28- 31] .
هذا في الآية الأولى تنبيه على مثال عملي من الظالمين، حيث بدّلوا شكر نعمة الله كفرا، كقوله سبحانه: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) [الواقعة: 56/ 82] .
ونعمة الله المشار إليها في هذه الآية: هو محمد عليه الصّلاة والسّلام ودينه. أنعم الله به على قريش، فكفروا النعمة، ولم يقبلوها، وتبدّلوا بها الكفر، والمراد بالذين كفروا: قريش جملة، بحسب ما اشتهر من حالهم.
الآيات دعوة إلى التعجب من أمر كفار مكة وأمثالهم، الذين صدرت منهم أفعال عجيبة غريبة:
أولها- أنهم بدّلوا شكر نعمة الله كفرا وجحودا، وتسّببوا في إنزال قومهم الذين شايعوهم وأطاعوهم في الضّلال والتّبديل دار البوار، أي الهلاك في الآخرة الذي لا مثيل له، وهو إصلاؤهم وإدخالهم في نار جهنم، وبئس المستقرّ قرارهم.
وثانيها- أنهم جعلوا لله أندادا، أي اتّخذوا لله شركاء عبدوهم معه، ودعوا الناس إلى عبادة الشركاء من الأصنام والأوثان.