رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (105)
وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
«1» «2» «3» «4» «5» [يوسف: 12/ 101- 108] .
ختمت قصة يوسف بخاتمة مؤثرة تصلح عبرة للملوك والحكام، حيث جمع الله ليوسف بين الملك والسلطة، والنّبوة، وأنعم عليه بنعم كثيرة نقلته من السجن والبئر إلى عزّة الإدارة والحكم والسلطة في مصر، فبادر إلى شكر ربّه، بهذا الدعاء الجامع الذي سأل الله فيه أن يجزل له ثواب الآخرة كما أجزل له العطاء في الدنيا. فقال: يا ربّ، قد آتيتني ملك مصر، وعلّمتني بعض التأويلات للأحاديث وتعبير الرّؤيا، ومعرفة أسرار كلامك. يا ربّ يا فاطر السماوات والأرض (أي خالقهما ومبدعهما في أبدع نظام وأحكم ترتيب) أنت ناصري ومتولّي أمري في الدنيا والآخرة، توفّني مسلما خاضعا لك منقادا لأمرك، وألحقني بالصالحين من آبائي: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، فأنت الرحيم الكريم، القادر على كل شيء.
ذلك الإيراد لقصة يوسف عليه السّلام وأخباره من أخبار الغيب التي أوحاها الله لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكن موجودا في وقت أحداثها، ولا مشاهدا لها، حين عزم