والسلطان، ضمّ إليه أبويه وعانقهما، على ما رجح ابن جرير، أو أباه وخالته لأن أمه كانت قد ماتت، فتزوج يعقوب بهذه الخالة.
وقال يوسف لأسرته جميعا: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ أي تمكّنوا واسكنوا واستقرّوا في بلاد مصر، بمشيئة الله، آمنين على أنفسكم وأموالكم وأهليكم، لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
ورفع يوسف أبويه على سرير ملكه، بأن أجلسهما معه، تكريما لهما، وسجد له الإخوة الأحد عشر والأبوان سجود تحية وإكرام له، لا سجود عبادة وتقديس، وكان سجود الانحناء هو تحية الملوك والعظماء في زمنهم.
وبعد هذه التحية قال يوسف: يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ أي إن هذا السجود هو تأويل رؤياي القديمة حال صغري، وهي: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [يوسف: 12/ 4] . وتأويل رؤياي: ما آل إليه الأمر.
إن تلك الرؤيا العجيبة الغريبة، أصبحت حقيقة واقعة، وصحيحة صدقا فإن رؤيا الأنبياء حقّ ثابت، فكما أن رؤيا إبراهيم ذبح ولده إسماعيل، صارت سببا لوجوب ذلك الذبح عليه في اليقظة والواقع، فكذلك صارت هذه الرؤيا ليوسف سببا لوجوب ذلك السجود: سجود التّحية.
وأضاف يوسف قائلا: وقد أحسن الله تعالى إلي وأفاض علي من نعمه وأفضاله، وعبّر بقوله: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي أي أوقع وناط إحسانه بي، إذ أطلق سراحي من السجن، ورزقني الملك، وجاء بكم من البادية، وكانوا أهل بادية وماشية وشظف عيش، فنقلكم من الشقاوة إلى النعمة، ومن البادية لسكون الحاضرة والمدينة ذات الترف والسعة والرفاه.
ولم يذكر يوسف قصة إخراجه من البئر، تكريما لإخوته، وحفظا لحيائهم،