لقد أوتي يوسف عليه السّلام نصف الجمال، فكان بهي الطلعة، جميل الوجه، جذاب الشخصية، حسن القامة والهيئة، ففتنت به امرأة عزيز مصر، وغازلته ولاطفته للوصول إلى غرض معين، ولكن الله عصم نبيّه يوسف من الوقوع في الفاحشة، ونجاه من الافتراء وسوء الاتّهام، وحماه من تلفيق التهمة، وأبعده عن مظانّ السوء، والتصقت التهمة بامرأة العزيز، وثبت الخطأ عليها. وهذا ما عبّر عنه القرآن المجيد بصورة قاطعة وبرهان حسّي عقلي، فقال الله تعالى:
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (25) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (26) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)
فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (29)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» «9» [يوسف: 12/ 23- 29] .
تعرّض يوسف عليه السلام لمحنة خطيرة أشدّ من محنة إخوته ومؤامرتهم عليه بالقتل أو الإبعاد والضياع، وتلك المحنة هي مراودة زليخة امرأة سيده العزيز وولي نعمته، والمراودة: الملاطفة في التوصل إلى هدف أو غرض معين، والمراد بها هنا: