يظل الوحي القرآني الإلهي حجة الله تعالى على خلقه، ومنار السبيل إلى عباده، وطريق الإنقاذ من الضلالة والرّدى إلى الهداية والحياة السوية، وتميز هذا الوحي بالبيان العربي الواضح المشرق، وبالثروة المعرفية الخصبة التي تزداد نموّا واتّساعا كلما تقدم العلم والمدنية، وكلما ازداد التأمل والتفكر في عظمة البيان الإلهي واتّساعه وشموله، وخلوده مع ممرّ الزمان، وإعرابه وإفصاحه عن أسرار الكون والإنسان والحياة. ولقد تبدلت حياة الأمة العربية تبدّلا جذريّا وشاملا بالهدي القرآني والبيان الرّباني الرفيع، فقال الله تعالى مبيّنا خواص هذا التبدل السريع في مطلع سورة يوسف المكية على المعتمد:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (?) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (3)
«1» [يوسف: 12/ 1- 3] .
روى ابن جرير عن ابن مسعود: أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ملّوا ملّة، فقالوا:
لو قصصت علينا يا رسول الله، فنزلت هذه الآية: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ