إن تجنّب سوء المصير لكل إنسان أمر يسير، وهو إعلان الإيمان بالله تعالى، فذلك ليس أمرا صعبا ولا محرجا، وأما التسبب في العذاب فهو طيش وحماقة، وما أشد عذاب المتكبرين الرافضين دعوة الإيمان بالله ربّا هاديا، كما جاء في قوله تعالى:
فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (22) [الحج: 22/ 19- 22] .
لا بد لكل نظام من مؤيدات مدنية وجزائية، حتى يحترم النظام، وتسود كلمته وتعلو هيبته، لأنه ليس كل الناس يستجيبون لنداء الحق والضمير، والوعي والعقل والتفكير، فيكون الجزاء الرادع مرهبا ومؤدبا العصاة، وحاملا مجموع الناس على الالتزام بقواعد النظام. وهذا هو المنهج المتّبع في كل تشريع إلهي أو وضعي بشري.
لذا اشتمل القرآن الكريم على قصص الأمم السابقة الذين رفضوا دعوة الإيمان بالله تعالى، وآذوا الرسل والأنبياء، واتبعوا الأهواء والشهوات، وكان في إيراد هذه القصص عبرة واضحة وعظة بليغة. قال الله تعالى مصورا هذه الغاية:
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)
«1» «2» [هود: 11/ 100- 102] .