المؤمنين إلى يوم القيامة. وقوله تعالى: مِمَّنْ مَعَكَ تعني ذرّية من معك ومن نسلهم. وقوله سبحانه: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ تعني: وممن معك أمم سنمتعهم في الدنيا: وهم الكفار إلى يوم القيامة، وهذا يشمل كل كافر إلى يوم القيامة.
فيصير المعنى: إن السّلام منا، والبركات عليك وعلى أمم مؤمنين، ينشأون ممن معك. وممن معك أمم ممتعون في الدنيا، منقلبون إلى النار.
وكان نوح عليه السّلام أب الأنبياء، والمخلوقات البشرية بعد الطوّفان منه وممن كان معه في السفينة. وهكذا عم السّلام الإلهي والتّبريك كل المؤمنين، ولله الحمد.
لكن سيكون بعض نسل المؤمنين جماعة آخرين من بعدهم، كفرة، يمتّعهم الله في الدنيا بالأرزاق والبركات، ثم يصيبهم العذاب الأليم في الآخرة. ويصير الناس بعد نوح قسمين: قسم مؤمنون صالحون ممتّعون في الدنيا والآخرة، وقسم ممتّعون في الدنيا فقط، معذّبون في الآخرة.
ثم أورد الله تعالى العبرة من قصة نوح بقوله: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ.. أي تلك الأخبار عن نوح وقومه من أخبار الغيبيات التي تقادم العهد عليها، ولم يبق علمها إلا عند الله تعالى، ولا تعلم بها أيها النّبي، كما لا يعلم بها قومك. ونحن نوحيها إليك لتكون لك هداية وأسوة فيما لقيه غيرك من الأنبياء، وتكون لقومك مثالا وتحذيرا، لئلا يصيبهم إذا كذّبوك مثل ما أصاب هؤلاء وغيرهم من الأمم المعذّبة.
فاصبر على تكذيب قومك وأذاهم لك، واجتهد في تبليغ رسالتك، وجدّ في إيضاح الرسالة القرآنية، واصبر على الشدائد، كما صبر نوح عليه السّلام على أذى الكفار، واعلم أن العاقبة والنصر والنجاة لك، كما كانت لنوح في هذه القصة، كما أن النصر يكون من بعدك لأهل التقوى الذين يطيعون الله، ويتجنّبون المعاصي.
وهذه سنّة الله الدائمة بنصر المرسلين على أعدائهم الكافرين، كما أخبر الله تعالى في