أما الطوفان: ففي ظاهر الروايات وكتب التفاسير أنه نال جميع أهل الأرض المأهولة قديما، وعم الماء جميع المعمورة، كما ذكر ابن عباس وغيره، ويوجب ذلك أمر نوح بحمل الأزواج من الحيوان، خوف فناء أجناسها من جميع أنحاء الأرض.
كانت سفينة نوح أول سفينة في التاريخ، وكانت رحلتها أول رحلة بحرية لمسافة طويلة، تكتنفها المخاطر، وتحيط بها الجهالة والغموض، والتّكهنات، لكن أمان الله ووعده بنجاة المؤمنين كان بردا وسلاما، وحماية من القلق والخوف. وتم أمر الله ومراده ونجت السفينة، وهبطت في مكان آمن، وكان ابن نوح من امرأته مثلا للجحود والعناد ومحاولة الإفلات من الغرق، فطالته بسهولة إرادة الله، وكان من الهالكين. صوّر القرآن الكريم هذه الرحلة الأولى لسفينة نوح عليه السّلام في الآيات التّالية:
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (42) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (45) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (46)
قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (47)
«1» »
«3» «4» «5» «6»