تكون طريقهم معوجة غير معتدلة، والحال أنهم جاحدون بالآخرة مكذبون بوجودها.
إن أولئك الظالمين الذين يصدون الناس عن سبيل الله الحق، سبيل القيم العليا والحياة الطيبة، لا يعجزون ربّهم أن يعاقبهم بالدمار والخسف، كما فعل بغيرهم، وإنما هم تحت قهره وسلطانه، وهو سبحانه قادر على تعذيبهم، وليس لهم أولياء، أي أنصار ينصرونهم من دون الله، ويمنعون عنهم العذاب، ويضاعف لهم العقاب بسبب إضلالهم غيرهم، كما ضلّوا بأنفسهم، وكانوا صمّا عن سماع الحق، عميا عن اتّباع سبيل الهدى والرّشاد.
أولئك المتّصفون بهذه الصفات خسروا أنفسهم وأهليهم، وضلّ عنهم ما كانوا يفترون، أي ذهب عنهم ما كانوا يفترونه من دون الله من الأنداد والأصنام، فلم تجد عنهم شيئا، بل ضرّتهم كل الضّرر: كما جاء في آية أخرى: وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (6) [الأحقاف: 46/ 6] .
لا جرم، أي حقّا إنهم في الآخرة هم أخسر الناس صفقة، لأنهم استبدلوا بنعيم الجنة ودرجاتها عذاب جهنم ودركاتها.
أما المؤمنون المصدقون بالله ورسوله، وعملوا الأعمال الصالحة، فأقاموا الصلاة، وآتوا الزّكاة، وأدّوا الطاعات، وتركوا المنكرات، وخشعوا لله وأنابوا إليه، فلهم جنان الخلد ذات النعم التّليدة، وهم ماكثون فيها على الدوام، لا يموتون ولا يمرضون، ولا تلازمهم نقائص الدنيا وعيوبها، وإنما هم متبرئون منها.
مثل هذين الفريقين المذكورين وهم الأشقياء الكفرة، والمؤمنون البررة، كمثل الأعمى والأصم، والسميع والبصير، أي إن الكافر كالأعمى، لتعاميه عن إدراك الحق، وكالأصم لعدم سماع الحجج والأدلة الدّالة على النّور والهدى. والمؤمن مثل