القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.... وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه» ، يعنى السنة ...
والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة.... فإن لم تجده فمن أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين ... قال عبد الله بن مسعود: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت. ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته» . وقال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن» .
وقال أبو عبد الرحمن السلمى: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلّى الله عليه وسلّم وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا» ....
فإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر، وسعيد ابن جبير. وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبى رباح، والحسن البصري وغيرهم» (?) .
هذا، وأنت إذا سرحت طرفك في المكتبة الإسلامية ترى العشرات من كتب التفسير، منها القديم والحديث، وترى منها الكبير والوسيط والوجيز، وترى منها ما يغلب عليه طابع التفسير بالمأثور، وترى ما يغلب عليه طابع التفسير بالرأى، وترى منها ما تغلب عليه الصبغة الفقهية، أو البلاغية، أو الفلسفية، أو الصوفية، أو العلمية، أو الاجتماعية، أو الطائفية.... أو غير ذلك من الاتجاهات والميول التي تختلف باختلاف أفكار الكاتبين وثقافتهم ومذهبهم ...
وترى منها المحرر أو شبه المحرر من الخرافات، والأقوال السقيمة، والقصص الباطلة ... كما ترى منها ما هو محشو بذلك.
ولقد انتفعت كثيرا بما كتبه الكاتبون عن كتاب الله- تعالى-، وها أنذا- أخى القارئ- أقدم لك تفسيرا وسيطا لسورتى الفاتحة والبقرة، وقد بذلت فيه أقصى جهدي ليكون تفسيرا علميا محققا، محررا من الأقوال الضعيفة، والشبه الباطلة، والمعاني السقيمة..