وقال بعض الأجلة: الثالثة للتأكيد. والْأُخْرى للذم بأنها متأخرة في الرتبة، وضيعة المقدار ...
والكلام خطاب لعبدة هذه المذكورات، وقد كانوا مع عبادتهم لها يقولون: إن الملائكة- عليهم السلام- وتلك المعبودات الباطلة، بنات الله. - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فقيل لهم توبيخا وتبكيتا: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى.... إلخ (?) .
وقوله- سبحانه-: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى توبيخ آخر لهم على جهلهم، وبيان لسبب التوبيخ والتهكم.
ولفظ «ضيزى» بمعنى جائرة وظالمة. يقال: ضاز فلان في حكمه، إذا جار وظلم ولم يراع القسط في أقواله وأفعاله، ويقال: ضاز فلان فلانا حقه، إذا بخسه ونقصه ...
قال الجمل ما ملخصه: قرأ الجمهور ضِيزى من ضازه يضيزه. إذا جار عليه، فمعنى «ضيزى» جائرة. وعلى هذا فتحتمل وجهين: أحدهما أن تكون صفة على فعلى، - بضم الفاء- وإنما كسرت الفاء لتصح الياء كبيض- جمع أبيض-..
وثانيهما: أن تكون من ضأزه بالهمز كقراءة ابن كثير، إلا أن الهمزة قد خففت.. ومعنى ضأزه يضأزه: نقصه.. (?) .
أى: أجعلتم لله- تعالى- البنات، وجعلتم لأنفسكم البنين، مع تفضيلكم للبنين على البنات، ومع اعترافكم بأن الله- تعالى- هو الخالق لكم ولكل شيء.
إن فعلكم هذا لهو في غاية الجور والظلم، لأنكم نسبتم إلى الله- تعالى- وهو خالقكم ما استنكفتم من نسبته لأنفسكم ...
فأنت ترى أنه- سبحانه- لم يكتف بوصفهم بالكفر، بل أضاف إلى ذلك وصفهم بالجور والحمق وانطماس البصيرة.
وجملة: تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى تعليل للإنكار والتوبيخ المستفاد من الاستفهام في قوله: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى.
وقدم- سبحانه- الجار والمجرور في قوله: أَلَكُمُ ... لإفادة التخصيص.
والإشارة بتلك تعود إلى القسمة المفهومة من قوله: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى