ينبت به الزرع، ويحيى به الإنسان ... أى: وفي السماء سبب رزقكم، سمى المطر سماء لأنه من السماء ينزل.
وقال سفيان الثوري: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ أى: عند الله في السماء رزقكم (?) .
وقوله: وَما تُوعَدُونَ أى: وفي السماء محددة ومقدرة أرزاقكم. وما توعدون به من ثواب أو عقاب، ومن خير أو شر، ومن بعث وجزاء.
وما في محل رفع عطف على قوله رِزْقُكُمْ أى: وفي السماء رزقكم والذي توعدونه من ثواب على الطاعة، ومن عقاب على المعصية.
فالآية الكريمة وإن كانت تلفت الأنظار إلى أسباب الرزق وإلى مباشرة هذه الأسباب، إلا أنها تذكر المؤمن بأن يكون اعتماده على خالق الأسباب، وأن يراقبه ويطيعه في السر والعلن لأنه- سبحانه- هو صاحب الخلق والأمر.
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات بهذا القسم فقال: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ.
والضمير في قوله إِنَّهُ يعود إلى ما سبق الإخبار عنه من أمر البعث والحساب والجزاء والرزق.. وغير ذلك مما يدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن ربه.
ولفظ «مثل» منصوب بنزع الخافض، و «ما» مزيدة للتأكيد أى: فوحق رب السماء والأرض، إن جميع ما ذكرناه لكم في هذه السورة، أو في هذا القرآن، حق ثابت لا مرية فيه، كمثل نطقكم الذي تنطقونه بألسنتكم دون أن تشكوا في كونه قد صدر عنكم لا عن غيركم.
فالمقصود بالآية الكريمة، تأكيد صدق ما أخبر به الله- تعالى- عباده في هذه السورة وغيرها، لأن نطقهم بألسنتهم حقيقة لا يجادل فيها مجادل، وكذلك ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وما تلاه عليهم في هذه السورة وغيرها، حق ثابت لا ريب فيه.
وهكذا نرى هذه الآيات قد بشرت المتقين بألوان من البشارات، ثم لفتت عقول الناس إلى ما في الأرض وإلى ما في أنفسهم وإلى ما في السماء من عظات وعبر.
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن قصص بعض الأنبياء السابقين فبدأت بجانب من قصة إبراهيم- عليه السلام- مع الملائكة الذين جاءوا لبشارته بابنه إسحاق، فقال- تعالى: