بسم الله الرّحمن الرّحيم
1- سورة الذَّارِياتِ من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها ستون آية. وكان نزولها بعد سورة «الأحقاف» .
2- وقد افتتحت هذه السورة بقسم من الله- تعالى-، ببعض مخلوقاته، على أن البعث حق، وعلى أن الجزاء حق.
قال- تعالى-: وَالذَّارِياتِ ذَرْواً. فَالْحامِلاتِ وِقْراً. فَالْجارِياتِ يُسْراً. فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً. إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ. وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ.
3- ثم بينت السورة الكريمة بعد ذلك، ما أعده- سبحانه- لعباده المتقين، فقال- تعالى-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ، إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ. كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ.
4- ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك طرفا من قصة إبراهيم ولوط وهود وصالح وموسى ونوح- عليهم السلام- مع أقوامهم، ليكون في هذا البيان ما يدعو كل عاقل إلى الاتعاظ والاعتبار، بحسن عاقبة الأخيار، وسوء عاقبة الأشرار.
5- ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان ما يدل على كمال قدرته، وعلى سعة رحمته، ودعا الناس جميعا إلى إخلاص العبادة والطاعة له، لأنه- سبحانه- ما خلقهم إلا لعبادته.
قال- تعالى-: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ. فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ.
6- هذا، والمتدبر في هذه السورة الكريمة، يراها- كغيرها من السور المكية- قد ركزت حديثها على إقامة الأدلة على أن العبادة لا تكون إلا لله الواحد القهار، وعلى أن