وقال القشيري: في هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وأنس وسكون قلب لقوم (?) .

وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه. وسار عليه من قبلنا جمهور المفسرين يكون الضمير نَحْنُ يعود إلى الله- تعالى-، وجيء بهذا الضمير بلفظ نَحْنُ على سبيل التعظيم.

ويرى الإمام ابن كثير أن الضمير هنا يعود إلى الملائكة، فقد قال- رحمه الله- وقوله:

وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعنى ملائكته- تعالى- أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه. ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد، وهما منفيان بالإجماع- تعالى الله وتقدس- ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد وإنما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ كما قال في المحتضر وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ

يعنى ملائكته.

وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، بإقدار الله لهم على ذلك (?) .

وهذا الذي ذهب إليه ابن كثير وإن كان مقبولا- لأن قرب الملائكة من العبد بإقدار الله لهم على ذلك- إلا أن ما ذهب إليه الجمهور من أن الضمير نَحْنُ لله- تعالى- أدل على قرب الله- سبحانه- لأحوال عباده، وأظهر في معنى الآية، وأزجر للإنسان عن ارتكاب المعاصي.

وإِذْ في قوله- تعالى-: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ... ظرف منصوب بقوله أَقْرَبُ. أى: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، في الوقت الذي يتلقى فيه الْمُتَلَقِّيانِ وهما الملكان جميع ما يصدر عن هذا الإنسان.

وهو- سبحانه- وإن كان في غير حاجة إلى كتابة هذين الملكين لما يصدر عن الإنسان، إلا أنه- تعالى- قضى بذلك لحكم متعددة، منها إقامة الحجة على العبد يوم القيامة، كما أشار- سبحانه- إلى ذلك في قوله: ... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً. اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (?) .

ومفعول التلقي في الفعل الذي هو يتلقى، وفي الوصف الذي هو المتلقيان، محذوف، والتقدير إذ يتلقى المتلقيان جميع ما يصدر عن الإنسان فيكتبانه عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015