وقوله- سبحانه- وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ.. (?) .
كما أخذ العلماء منها- أيضا-: أن خلق الأرض متقدم على خلق السموات بدليل قوله- تعالى- بعد حديثه عن خلق الأرض، ثم استوى إلى السماء وهي دخان.
وبدليل قوله- تعالى- في آية أخرى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ (?) .
وعلى هذا الرأى سار جمهور العلماء، وردوا على من قال بأن خلق السموات متقدم على خلق الأرض، لأن الله- تعالى- يقول في سورة النازعات: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها. رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها، وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أى: بسطها.
ردوا عليهم بما روى عن ابن عباس من أنه سئل عن الجمع بين الآيات التي معنا، وبين آيات سورة النازعات فقال: إنه- تعالى- خلق الأرض أولا غير مدحوة ثم خلق السماء، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل فيها الرواسي والأنهار وغيرهما.
أى: أن أصل خلق الأرض كان قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها كان بعد خلق السماء، وردوا عليهم- أيضا- بأن لفظ «بعد» في قوله- تعالى- وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها بمعنى مع أى: والأرض مع ذلك بسطها ومهدها لسكنى أهلها فيها. وردوا عليهم- أيضا- بأنه- تعالى- لما خلق الأرض غير مدحوة، وهي أهل لكل ما فيها كان كل ما فيها كأنه قد خلق بالفعل لوجود أصله فيها.
قال بعض العلماء: والدليل من القرآن على أن وجود الأصل يمكن به إطلاق الخلق على الفرع، - وإن لم يكن موجودا بالفعل- قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ....
فقوله: خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ أى: بخلقنا وتصويرنا لأبيكم آدم الذي هو أصلكم (?) .
كما أخذ منها العلماء أن وجود هذا الكون، بتلك الصورة البديعة، المتمثلة في هذه الأرض