أى: أن هؤلاء المشركين الذين ينازعونك فيما جئتهم به من عند ربك، يتركون ما تدعوهم إليه- أيها الرسول الكريم- من إخلاص للعبادة لله- تعالى- ويعبدون من دونه- سبحانه- آلهة أخرى لا دليل لهم على عبادتها من عقل أو نقل.

إذ قوله- سبحانه-: ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً نفى لأن يكون لهم دليل سمعي على عبادتها وقوله- تعالى-: وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ نفى لأن يكون لهم دليل عقلي على عبادتها.

والتنكير في قوله: «سلطانا، وعلم» للتقليل. أى: لا دليل لهم أصلا لا من جهة السمع، ولا من جهة العقل، ومع ذلك يتمسكون بهذه العبادة الباطلة.

وقوله- تعالى-: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ تهديد بسوء المصير لهؤلاء المشركين.

أى: وما للظالمين الذين وضعوا العبادة في غير موضعها، من نصير ينصرهم من عقاب الله وعذابه، لأنهم بسبب عبادتهم لغير الله- تعالى-، قد قطعوا عن أنفسهم كل رحمة ومغفرة.

ثم بين- سبحانه- أنهم بجانب ضلالهم، تأخذهم العزة بالإثم إذا ما نصحهم الناصحون بالإقلاع عن هذا الضلال فقال: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ، يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا ...

وقوله يَسْطُونَ من السطو، بمعنى الوثب والبطش بالغير. يقال: سطا فلان على فلان، إذا بطش به بضرب أو شتم أو سرقة أو ما يشبه ذلك.

أى: وإذا تتلى على هؤلاء الظالمين، آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، من قبل عبادنا المؤمنين تَعْرِفُ- أيها الرسول الكريم- فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا بهذه الآيات البينات الْمُنْكَرَ أى: ترى في وجوههم الإنكار لها، والغضب منها ومن قارئها، والكراهية والعبوس عند سماعها.

بل ويكادون فوق ذلك، يبطشون بالمؤمنين الذين يتلون عليهم آياتنا، ويعتدون عليهم بالسب تارة، وبالضرب تارة أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015