ودخلت رب هنا على الفعل المضارع يَوَدُّ مع اختصاصها بالدخول على الفعل الماضي، للإشارة إلى أن أخبار الله- تعالى- بمنزلة الواقع المحقق سواء أكانت للمستقبل أم لغيره.
قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: لم دخلت على المضارع وقد أبوا دخولها إلا على الماضي؟ قلت: لأن المترقب في أخبار الله- تعالى- بمنزلة الماضي المقطوع به في تحققه، فكأنه قيل: «ربما ود الذين كفروا ... » (?) .
ولَوْ في قوله لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ يصح أن تكون امتناعية، وجوابها محذوف، والتقدير: لو كانوا مسلمين لسروا بذلك.
ويصح أن تكون مصدرية، والتقدير: ود الذين كفروا كونهم مسلمين.
وعلى كلا المعنيين فهي مستعملة في التمني الذي هو طلب حصول الأمر الممتنع الحصول.
وقال- سبحانه- لَوْ كانُوا ... بفعل الكون الماضي، للإشعار بأنهم يودون الدخول في الإسلام، بعد مضى وقت التمكن من الدخول فيه.
وعبر- سبحانه- عن متمناهم بالغيبة كانُوا، نظرا لأن الكلام مسوق بصدد الإخبار عنهم، وليس بصدد الصدور منهم، ولو كان كذلك لقيل: لو كنا مسلمين.
هذا، وللمفسرين أقوال في الوقت الذي ود فيه الكافرون أن لو كانوا مسلمين، فمنهم من يرى أن ودادتهم هذه تكون في الدنيا، ومنهم من يرى أنها تكون عند الموت، ومنهم من يرى أنها تكون عند الحساب، وعند عفو الله عن عصاة المؤمنين.
والحق أن هذه الودادة تكون في كل موطن يعرف فيه الكافرون بطلان كفرهم، وفي كل وقت ينكشف لهم فيه أن الإسلام هو الدين الحق.
فهم تمنوا أن لو كانوا مسلمين في الدنيا، عند ما رأوا نصر الله لعباده المؤمنين، في غزوة بدر وفي غزوة الفتح وفي غيرهما، فعن ابن مسعود- رضى الله عنه-: «ود كفار قريش ذلك يوم بدر حين رأوا نصر الله للمسلمين» (?) .
وهم تمنوا ذلك عند الموت كما حكى عنهم- سبحانه- ذلك في آيات كثيرة منها قوله