لصبر في الحرب صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله.

ففرح- رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد..

ثم قال: سيروا وأبشروا، فإن الله- تعالى- قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم.

قال ابن إسحاق: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر فسارا حتى وقفا على شيخ من العرب. فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم، فقال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك.

قال: أذاك بذاك؟ قال: نعم، قال الشيخ: فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرنى، فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به المسلمون.

وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرنى صدقنى، فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذي فيه قريش.

فلما فرغ من خبره قال: ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء، ثم انصرف عنه.

ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فلما أمسى أرسل بعضهم إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له.. فأصابوا ساقيين لقريش فأتوا بهما.. فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم أخبرانى عن قريش.

قالا: هم والله وراء الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى.

فقال لهما: كم القوم؟ قالا كثير قال: ما عددهم؟ قالا لا ندري قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يوما تسعا ويوما عشرا. فقال: القوم فيما بين التسعمائة والألف ثم قال لهما.

فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والنضر بن الحارث، وزمعة بن الأسود، وأمية بن خلف.. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها..

قال ابن إسحاق: ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره، أرسل إلى قريش: إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله فارجعوا. فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر، فنقيم عليه ثلاثة، ننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015