سنة رسوله.. وحذرتهم من أن تشغلهم أموالهم وأولادهم عن طاعة الله وعن أداء واجباته.
ثم بشرتهم في النداء الخامس بأنهم إذا ما اتقوا الله حق تقاته، فإنه- سبحانه- سيرزقهم الهداية والنصر والنجاة من كل مكروه.
تدبر معى- أخى القارئ- هذه النداءات، وما اشتملت عليه من توجيهات سامية وإرشادات عالية، حيث يقول- سبحانه-:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ..
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ..
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ..
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ..
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ..
(هـ) ثم أخذت السورة بعد ذلك في تذكير المؤمنين بنعم الله عليهم ليزدادوا له شكرا، وفي تصوير ما عليه الكافرون من جهل وعناد وخسران.
فحكت ما قالوه في شأن القرآن من كذب ومكابرة.
وحكت استهزاءهم بالدين، وإمعانهم في الجحود، وتعجلهم للعذاب..
وحكت ما كانوا يقومون به من تصفيق ولغو عند قراءة القرآن، حتى يشغلوا الناس عن سماعه..
وحكت مسارعتهم إلى إنفاق أموالهم، لا في وجوه الخير، ولكن في وجوه الشر التي ستكون عاقبتها الخسران وسوء المصير.
وبعد أن حكت كل هذه الرذائل عن الكافرين، أمرت الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم أنهم إذا ما انتهوا عن كفرهم وعنادهم، فإن الله- تعالى- سيغفر لهم ما سلف من ذنوبهم.
أما إذا استمروا في طغيانهم وجحودهم، فستدور الدائرة عليهم.
قال- تعالى-: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ. وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا، لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا، إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ. وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ. وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.