قال ابن كثير ما ملخصه: وقوله وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ هذا أيضا من الامتنان على عيسى، بأن جعل الله له أصحابا وأنصارا- وهم الحواريون- والمراد بهذا الوحى الإلهام كما في قوله: وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ وكما في قوله وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ وقال بعض السلف في هذه الآية وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أى: ألهموا ذلك فامتثلوا ما ألهموا (?) .
فأنت ترى أن الإمام ابن كثير يرى أن المراد بالوحي هنا الإلهام. وعلى ذلك كثير من المفسرين، ومنهم من يرى أن المراد بقوله وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أى: أمرتهم في الإنجيل على لسانك أو أمرتهم على ألسنة رسلي.
قال الآلوسى معززا هذا الرأى: وقد جاء استعمال الوحى بمعنى الأمر في كلام العرب، كما قال الزجاج وأنشد:
الحمد لله الذي استقلت ... بإذنه السماء واطمأنت
أوحى لها القرار فاستقرت أى: أمرها أن تقر فامتثلت (?) .
والحواريون جمع حوارى. وهم أنصار عيسى الذين لازموه وآمنوا به وصدقوه. وكانوا عونا له في الدعوة إلى الحق.
يقال: فلان حوارى فلان. أى: خاصته من أصحابه. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الزبير بن العوام: لكل نبي حوارى وحوارى الزبير» .
وأصل مادة «حور» الدلالة على شدة الصفاء ونصوع البياض، ولذلك قالوا في خالص لباب الدقيق: الحوارى وقالوا في النساء البيض: الحواريات والحواريات.