أرضهم وديارهم وأموالهم.
وقد جاء التعبير في قوله- تعالى-: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ بصيغة الرجاء، لتعليم المؤمنين عدم اليأس من رحمة الله، ومن مجيء نصره، ولتعويدهم على أن يتوجهوا إليه- سبحانه- في مطالبهم بالرجاء الصادق، والأمل الخالص.
قال الفخر الرازي: فإن قيل: شرط صحة التقسيم أن يكون ذلك بين قسمين متنافيين.
وقوله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ليس كذلك، لأن الإتيان بالفتح داخل في قوله: أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ.
قلنا: قوله: أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ معناه: أو أمر من عنده لا يكون للناس فيه فعل ألبتة، كبني النضير الذين طرح الله في قلوبهم الرعب فأعطوا بأيديهم من غير محاربة ولا عسكر (?) .
والضمير في قوله: فَيُصْبِحُوا يعود على أولئك المنافقين الذين في قلوبهم مرض والجملة معطوفة على أَنْ يَأْتِيَ داخل معه في حيز خبر عسى.
وعبر- سبحانه- عن ندمهم بالوصف نادِمِينَ لا بالفعل، للإيذان بأنه ندم دائم تصحبه الحسرات والآلام المستمرة، بسبب ما وقعوا فيه من ظن فاسد، وأمل خائب.
ثم حكى- سبحانه- ما قاله المؤمنون الصادقون على سبيل الإنكار لمسالك المنافقين الخبيثة وتوبيخهم على ضعف إيمانهم، وهوان نفوسهم فقال- تعالى-: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ.
قال الآلوسى: قوله: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا كلام مستأنف لبيان كمال سوء حال الطائفة المذكورة: - وهي قراءة عاصم وحمزه والكسائي بإثبات الواو مع الرفع.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر بغير واو على أنه استئناف بيانى، كأنه قيل: فماذا يقول المؤمنون حينئذ؟.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب: ويقول بالنصب عطفا على فَيُصْبِحُوا (?) .
وقوله: جَهْدَ أَيْمانِهِمْ أى: أقوى أيمانهم وأغلظها. والجهد: الوسع والطاقة والمشقة.
يقال جهد نفسه يجهدها في الأمر إذا بلغ بها أقصى وسعها وطاقتها فيه. والمراد: أنهم أكدوا الإيمان ووثقوها بكل ألفاظ التأكيد والتوثيق.