ثم شرع- سبحانه- في بيان أحكام المواريث بعد أن بين الأحكام التي تتعلق بأموال اليتامى فساق- سبحانه- قاعدة عامة لأصل التوريث في الإسلام هي أن الرجال لا يختصون بالميراث، بل للنساء معهم حظ مقسوم، ونصيب مفروض، سواء أكان الشيء الموروث قليلا أم كثيرا فقال تعالى:

[سورة النساء (4) : آية 7]

لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7)

قال القرطبي ما ملخصه: نزلت هذه الآية في أوس بن ثابت الأنصارى. توفى وترك امرأة يقال لها: أم كجّة وثلاث بنات له منها فقام رجلان هما أبنا عم الميت ووصياه يقال لهما: سويد وعرفجة فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا. وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل، وطاعن بالرمح، وضارب بالسيف، وحاز الغنيمة. فذكرت أم كجة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فدعاهما فقالا: يا رسول الله، ولدها لا يركب فرسا، ولا يحمل كلا، ولا ينكأ عدوا. فقال صلى الله عليه وسلم: «انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن، فأنزل الله هذه الآية.

ثم قال: قال علماؤنا: في هذه الآية فوائد ثلاث:

إحداها: بيان علة الميراث وهي القرابة.

الثانية: عموم القرابة كيفما تصرفت من قريب أو بعيد.

الثالثة: إجمال النصيب المفروض. وذلك مبين في آية المواريث فكأن هذه الآية توطئة للحكم، وإبطال لذلك الرأى الفاسد حتى وقع البيان الشافي» «1» .

هذا، ومن العلماء من أبقى هذه الآية الكريمة على ظاهرها، فجعل المراد من الرجال:

الذكور البالغين. والمراد من الوالدين: الأب والأم بلا واسطة والمراد من الأقربين: الأقارب الأموات الذين يرثهم أقاربهم المستحقون لذلك والمراد من النساء الإناث البالغات.

والمعنى على هذا الرأى: للذكور البالغين نصيب أى حظ مما ترك آباؤهم وأمهاتهم وأقاربهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015