ثم الإمام أحمد كان لا يرى التصنيف، وهذا كتاب (المسند) له لم يصنفه هو، ولا رتبه، ولا اعتنى بتهذيبه، بل كان يرويه لولده نسخا وأجزاء، ويأمره: أن ضع هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان.
وهذا التفسير لا وجود له، وأنا أعتقد أنه لم يكن، فبغداد لم تزل دار الخلفاء، وقبة الإسلام، ودار الحديث، ومحلة السنن، ولم يزل أحمد فيها معظما في سائر الأعصار، وله تلامذة كبار، وأصحاب أصحاب، وهلم جرا إلى بالأمس، حين استباحها جيش المغول، وجرت بها من الدماء سيول، وقد اشتهر ببغداد تفسير ابن جرير، وتزاحم على تحصيله العلماء، وسارت به الركبان، ولم نعرف مثله في معناه، ولا ألف قبله أكبر منه، وهو في عشرين مجلدة، وما يحتمل أن يكون عشرين ألف حديث، بل لعله خسة عشر ألف إسناد، فخذه، فعده إن شئت" (?).
وما ذكره الذهبي في كون هذا التفسير لم يذكره أحد سوى ابن المنادي؛ غير مقبول فقد ذكره غيره كا سبق، ومنهم الزجاج (ت 311 هـ) الذي عاصر عبد الله بن الإمام أحمد، فالظاهر أن هذا التفسير ثابت للإمام أحمد، لكن يبقى النظر فيما ذكروه من مقداره، فمقتضاه أن التفسير أربعة أضعاف المسند، ونحن نعلم أن المسند معلمة وموسوعة كبرى في الحديث حوت مختلف أبواب العلم -ومنها التفسير-، فكيف يكون كتابٌ في التفسير فقط ويبلغ أربعة أضعافه؟! اللهم إلا أن يكون ذلك بكثرة الآثار والمكررات.
والكتاب في عداد المفقود (?)، فالله أعلم.