وقال الراغب الأصفهاني: "اختلف الناس في تفسير القرآن؛ هل يجوز لكل ذي علم الخوض فيه؟ فمنهم من بالغ ومنع الكلام، ولو تفنن الناظر في العلوم، واتسع باعه في المعارف إلا بتوقيف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عمن شاهد التنزيل من الصحابة، أو من أخذ منهم من التابعين، واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من فسر القرآن برأيه، فقد أخطأ) وفى رواية: (من قال في القرآن برأيه فقد كفر) (?). وقيل: إن كان ذا معرفة وأدب فواسع له تفسيره، والعقلاء والأدباء فوضى (?) في معرفة الأغراض، واحتجوا بقوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29) " (?).
وأورد ابنُ عطية -رحمه الله- حديثَ جندب -رضي الله عنه-، ثم قال: "ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء، واقتضته قوانين العلوم، كالنحو والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسِّر اللغويون لُغَتَه، والنحاةُ نَحْوَهُ، والفقهاءُ معانيَه، ويقول كلُّ واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه.