الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟! قال: (إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، إنما هو الشرك) (?).
فلفظة: {ظلم} في آية الأنعام؛ نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، فخصَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا العموم، وبيَّن المراد به.
وقد عقد الخطيب البغدادي -رحمه الله- بابا في كتابه: (الكفاية في علم الرواية) (?)، فقال: "باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن، وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان".
ومن أمثلته: قوله تعالى في سياق أحكام المواريث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: من آية 11] فلفظ {وَصِيَّةٍ} مطلق ورد الدليل من السنة بتقييده بالثلث، كما في حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني من وجع اشتد بي زمن حجة الوداع، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مال؟ قال: (لا) قلت: بالشطر؟ قال: (لا) قلت: الثلث؟ قال: (الثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) (?).
وأمثلته كثيرة، ومن أشهرها بيان السنة للأمر بالصلاة الوارد في القرآن، بذكر مواقيتها وصفتها تفصيلا، وشروطها، ونحو ذلك، وهكذا في الزكاة، والصيام، والحج.