السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16] .
والقرآن الكريم هو الميزان الواضح لحال الأمة الإسلامية، فكلَّما اهتدت بهداه وعملت به في جميع شؤونها، سَعِدت وعزَّ جانبها، وكلما ابتعدت عنه وضَغفَ استمساكها به ابتليت بالذِّلة والتفرُّق وتداعي الأمم عليها، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 44] .
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: «إنه لشرفٌ لك ولقومك» ، فهو شرف لهم من حيث إنه أُنزل بلغتهم، فَهُم أفهم الناس له، وينبغي أن يكونوا أقوم الناس به، وأعلمهم بمقتضاه، كما بيَّن ذلك الحافظ ابن كثير، كما أنه عز وجل سيضع من شأن مَنْ أعرض عنه، وقد قال عمر رضي الله عنه: «أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين» [رواه مسلم برقم: 817] ، فمن استمسك بحبله المتين فاز، ومن أعرض عنه خسر خسراناً مبيناً.
قال الإمام الشافعي في «الرسالة» : «فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصّاً واستدلالاً، ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الرِّيَب، ونوَّرت في قلبه الحكمة» .
وقد تكفَّل سبحانه بحفظه فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ، فلم يزل محفوظاً في الصدور مكتوباً في السطور {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] .
- ج -