وميول الحب فيه نحو غيره، وقبل ذاته؛ سواء أكان هذا عن فطرة أم عن اكتساب. على أية حال ما جاء في كتب اللغة يعني: أن الإيثار هو أن تُفضّل غيرك على نفسك بأن تكون محتاجًا لشيء، فتؤثر الآخرين بهذا الشيء، فهذا هو الإيثار كما جاء في كتب اللغة.
فإذا ما انتقلنا إلى الإيثار في القرآن فسوف نجد هذه المادة تُذكر في هذه الآيات الخمس: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات: 37 - 39) وهذه الآية ليست في موضوعنا، وهو إيثار شخص على شخص من باب الأخلاق في القرآن، وإنما هذا بيان يُبين ويتحدث عن نوع من الناس آثر وفضَّل الحياة الدنيا على الآخرة، يقول تعالى في سورة "الأعلى": {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (الأعلى: 16، 17).
الموضع الثالث في سورة "يوسف" يقول ربنا: {قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف: 90 - 92).
في سورة "طه" يقول ربنا في قصة أتباع موسى وفرعون وما كان من أمره: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي