بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس
(التغاضي عن الجار ومواساته)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم، وسار على نهجهم واتبع طريقتهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فالمقصود بكل من: التغاضي، الجار، المواساة -كما جاءت في كتب اللغة-:
معجم (مقاييس اللغة) لابن فارس، ذكر أن كلمة غض تتكون من الغين والضاد، فيقول: هما أصلان صحيحان يدل أحدهما على كفّ ونقص، والآخر على طراوة، فالأول فهو الكف والنقص "غض البصر" وكل شيء كففته فقد غضضته، والأصل الآخر: الغض: الطري من كل شيء، ويقال للطلع حين يطلع غضيض، والذي يعنينا هو المعنى الأول، ولم يذكر ابن فارس المراد بالجار إنما قال: جور "الجيم والواو والراء" أصلٌ واحد وهو الميل عن الطريق، يقال: جار جورًا.
وفي (المواساة) قال: الهمزة والسين والواو أصل واحد يدل على المداواة والإصلاح، يقال: أسوت الجرح إذا داويته، ويقال: أسوت بين القوم إذا أصلحت بينهم.
أما صاحب (لسان العرب) العلامة ابن منظور فيقول: الغض والغضيض: الطري، وذكر في بيان هذا المعنى بعض الأحاديث والشواهد من كلام العرب، ويقول: الغضاضة: الفتور في الطرف أي العين، يقال: غض وأغضى إذا دان بين جفنيه ولم يلاقِ، وغض من صوته، وكل شيء كففته فقد غضضته، وغض الطرف أي: كف البصر، كما قال في بيان معنى الجار: الجوار المجاورة، والجار الذي يجاوره، وجاور الرجل مجاورة وجوارًا وجوارًا، والكسر أفصح، وينقل عن ابن الأعرابي قوله: الجار الذي يجاورك بيت بيت، والجار النفيح: هو الغريب، يقصد بالنفيح هو