وعند الترمذي يروي بسنده عن شيخ من بني مرّة فقال: "قدمت الكوفة وأُخبرت عن بلال بن أبي بردة، فقلت: إن فيه لمعتبر؛ فأتيته وهو محبوس في داره التي قد كان بنى قال: وإذا كل شيء قد تغيَّر من العذاب والظرب، وإذا هو في قشاش فقلت: الحمد لله يا بلال، لقد رأيتك وأنت تمرّ بنا تُمسك بأنفك من غير غبار، وأنت في حالك هذا اليوم فقال: ممن أنت؟ فقلت: من بني مرة بن عباد، فقال: ألا أحدثك حديثًا عسى الله أن ينفعك به قلت: هات. قال: حدثني أبي أبو بردة عن أبيه أبي موسى -أي: الأشعري- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يصيب عبدًا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر))، قال: وقرأ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} ".
فهذا عفو الله عن عباده مع ارتكابهم للذنوب، ويروي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: ((قلت يا رسول الله: أرأيت أن علمت أي ليلة ليلةُ القدر ما أقول فيها قال: قولي اللهم إنك عفوّ كريم تحب العفو فاعفُ عني))، ويروي الإمام أبو داود بسنده عن ابن عمر أنه قال: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَدَع هؤلاء الدعوات حين يُمسي وحين يصبح: ((اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي -وقال عثمان: "عوراتي، وآمن روعاتي"- اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)) فهذا هو ما كان يدعو به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان يسأل الله العافية، وكان يسأل الله العفو ... والعفو هو محو الذنب بكل ما في هذا الذنب من مساوئ، ولكن الأمل في الله كان عظيمًا في أن الله الإله الكريم يعفو ويصفح.