يقول الإمام الغزالي -بعد أن ذكر جملة من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- قال: "فأعظم بغباوة من ينظروا في أحواله، ثم في أقواله، ثم في أفعاله، ثم في أخلاقه، ثم في معجزاته، ثم في استمرار شرعه إلى الآن، ثم في انتشاره في أقطار العالم، ثم في إذعان ملوك الأرض له في عصره وبعد عصره، مع ضعفه ويتمه، ثم يتمارى بعد ذلك في صدقه، وما أعظم توفيق من آمن به وصدّقه، واتبعه في كل ما ورد وصدر، فنسأل الله تعالى للاقتداء به في الأخلاق والأفعال والأحوال والأقوال بمنه وسعة جوده".

ومن صفات الداعية: الإيمان بما يدعو إليه، وكلما توثّقت عرى الإيمان في قلبه ومشاعره، كلما كان أقدر على تبليغ دعوته، ولذلك قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة: 285) وقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (الزمر: 33).

فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أول المسلمين وأول العابدين، والمؤمنون على طريق رسولهم، الإيمان الكامل والفاعل شعار لهم ودثار، ومنهج وسلوك {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} (البقرة: 285) يعلنون في وضوح أنّ إيمانهم برسل الله إيمانٌ جامع {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}، ويخبر الله عنهم شهادة لهم، وإعلاء لقدرهم فيقول: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة: 285)، وهكذا كل الرسل، وهكذا أتباع الرسل عبر مراحل التاريخ، وما نجح الرسل في دعوتهم، وما بذل أتباعهم ما بذلوا، إلّا لأنّهم آمنوا هذا الإيمان بالحق الذي معهم، فهم أصحاب قضية يدعون إليها ويدافعون عنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015