وأحفاده، وإلا فمن الذي علم ابني آدم تقديم القرابين لله، ومتى يكون القربان مقبولًا ومتى يكون غير متقبل، ومن الذي علّمهما أن القتل حرام، وأن هناك نارًا يدخلها من قتل بغير حق، إلى غير ذلك مما تراه، وأنت تقرأ الآيات في سورة "المائدة" في قوله عز من قائل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة: 27) إلى أن يقول: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} (المائدة: 31).

ومع مرور الزمن يخبو ضوء الرسالة التي أرسل الله بها رسوله، وتنحرف القافلة عن الطريق، وينسى الناس ربهم، ويعبدون غير خالقهم ورازقهم، فيرسل الله إليهم رسولًا آخر يردهم إلى الله ويذكرهم به، ويحمل هذا الرسول معه كتابًا فيه منهج حياة، يتناسب مع ظروفهم وأحوالهم، وهكذا تواصلت الرسالات، كلما ذهب رسول أرسل الله رسولًا، ولذلك قال تعالى في سورة "المؤمنون"، بعد أن ذكر نوحًا وهودًا قال: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} (المؤمنون: 44) ثم ذكر موسى وعيسى -عليهما السلام.

وقد ذكر الله في القرآن من هؤلاء الرسل خمسًا وعشرين رسولًا، مع أن المرسلين أكثر من ذلك، ولهذا قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015