فهذا صدق مع الله في أداء فرائضه، ولا شك أن الصدق في أداء الفرائض سوف يؤدِّي إلى أداء النوافل، فهذا منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعليم المسلمين أن يبدأ بالفرائض، ثم تأتي النوافل بعد ذلك.
أيضًا يروي الإمام البخاري بسنده عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما ثلاثة نفر ممن كان قبلهم يمشون إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا يُنجيكم إلا الصدق، فليدعو كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه، فأخذ كل واحد منهم يذكر أمرًا ذكره)) الحديث؛ ففرج الله عنهم فخرجوا، فهذا الحديث الطويل الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبيّن عاقبة الصدق مع الله فيما فرض، وفيما شرع، وأيضًا يبيّن عاقبة الصدق فيما يؤدِّي الإنسان للناس من أمور هي من حقّهم مخلصًا لله -سبحانه وتعالى- في ذلك، وملتزمًا في التعامل مع الآخرين بشرع الله، وهدي الله؛ طاعة لله وطلبًا لثواب الله.
ويروي لنا الإمام البخاري بسنده عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب بن مالك قال: "سمعت كعب بن مالك يُحدّث حين تخلف عن قصة تبوك: فوالله ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم هذا كذبًا، وأنزل الله -عز وجل- على رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (التوبة: 17) إلى قوله: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119) "، فهذا الصحابي الجليل صدق الله وصدق رسوله فكان سببًا لقبول توبته، وأصبح حديثه قرآنًا يُتلى على مر الزمان.