النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: لتسألن عن هذا يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتم، هذا، فهذا من النعيم» .
والظاهر أن السؤال عن النعيم للعموم لأجل لام الجنس إلا أن سؤال الكافر للتوبيخ لأنه عصى وكفر، وسؤال المؤمن للتشريف، فإنه أطاع وشكر.
والظاهر أن هذا السؤال في موقف الحساب، وهو متقدم على مشاهدة جهنم، ومعنى ثُمَّ الترتيب في الأخبار، ثم أخبركم أنكم تسألون.
دلت الآيات على ما يأتي:
1- يحذر اللَّه تعالى من ترك العمل الصالح والاستعداد للآخرة، ويوبخ الذين تشغلهم المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة اللَّه، حتى يموتوا ويدفنوا في المقابر.
والتوبيخ عام يشمل التفاخر بكل شيء من الأموال والأولاد، والقبائل والعشائر، والسلطة والجاه، والرجال والأعوان، فهو يتضمن التفاخر بالنفس وهي العلوم والأخلاق الفاضلة، والتفاخر بالبدن وهو الصحة والجمال، والتفاخر بالأمور الخارجية وهي المال والجاه والأعوان والأقرباء والأصدقاء.
2- لم يأت في التنزيل ذكر المقابر إلا في هذه السورة، وزيارتها من أعظم الدواء للقلب القاسي لأنها تذكّر الموت والآخرة. وذلك يحمل على قصر الأمل، والزهد في الدنيا، وترك الرغبة فيها، كما تقدم في الأحاديث الثابتة.
وجاء في الترمذي عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لعن زوّارات القبور.
ورأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في زيارة القبور، فلما رخّص دخل في رخصته الرجال والنساء. وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور للنساء، لقلة صبرهن، وكثرة جزعهن.