وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث: تزود لمعاد، ومرمّة لمعاش، ولذة في غير محرّم. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شانه، حافظا للسانه. ومن عدّ كلامه من عمله، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه.
قال: قلت: يا رسول اللَّه، فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح! وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب. وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئن إليها!! وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل!! قال: قلت: يا رسول اللَّه، فهل في أيدينا شيء مما كان في يدي إبراهيم وموسى، مما أنزل اللَّه عليك؟ قال: نعم اقرأ يا أبا ذر: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى، إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى
واللَّه تعالى أعلم بصحة هذا الحيث كما قال الألوسي.
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1- المطلوب تذكير الناس وموعظتهم، سواء نفعت الذكرى أم لم تنفع، ولكنها في النهاية لا تنفع إلا المؤمنين الذين يخشون اللَّه ربهم، قال الحسن البصري: الذكرى تذكرة للمؤمن، وحجة على الكافر. وقال الجرجاني: التذكير واجب وإن لم ينفع.
2- يتجنب الذكرى عادة ويبعد عنها الشقي في علم اللَّه الكافر، الذي يصلى ويدخل النار الكبرى، أي العظمى، وهي السفلى من أطباق النار، أو أن نار جهنم هي الكبرى، والصغرى نار الدنيا.