ينتفع ويتعظ بما تبلّغه يا محمد من كان يخاف اللَّه تعالى بقلبه، ويعلم أنه ملاقيه.
وأما من أصر على الكفار والعناد، وتمادى في الجحود والإنكار، فلا فائدة في تذكيره.
قال ابن كثير: ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله (?) ،
أخرج مسلّم عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: «ما أنت بمحدّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» .
وروى الديلمي في الفردوس عن علي، والبخاري موقوفا قوله: «حدّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذّب اللَّه ورسوله» . وقال عيسى عليه السلام: «لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، وكن كالطبيب يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع» .
وقوله: سَيَذَّكَّرُ.. إيماء إلى أن ما جاء به الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم صار من الوضوح بحيث لا يحتاج إلا إلى التذكير فحسب. والخلاصة: أن التذكير مشروط بالانتفاع.
وهناك اتجاه آخر في تفسير الآية، وهو أن التذكير مطلوب، وإن لم ينفع، ولا يكون التعليق بالشرط في قوله: إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى مرادا، وإنما هو لتصوير وبيان الواقع، مثل آيات كثيرة أخرى، منها قوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً [النور 24/ 33] . قال الرازي: إن الناس في أمر المعاد ثلاثة أقسام: القاطع بصحته، والمتردد فيه، والجاحد له، والفريقان الأولان ينتفعان بالتذكير والتخويف.
وكثير من المعاندين إنما يجحدون باللسان فقط، فتبين أن أكثر الخلق ينتفعون بالوعظ، والمعرض نادر، وترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر