التذكير وتزكية النفس والعمل للآخرة
[سورة الأعلى (87) : الآيات 9 الى 19]
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (13)
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (17) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (18)
صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (19)
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى جواب إِنْ دل عليه ما قبله وهو فَذَكِّرْ وقام مقامه وسد مسده.
لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى بينهما طباق.
فَذَكِّرْ والذِّكْرى بينهما جناس اشتقاق.
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى بينهما مقابلة.
فَذَكِّرْ التذكير: تنبيه الإنسان إلى شيء علمه ثم غفل عنه، والمراد هنا التذكير والوعظ بالقرآن. إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى معنى اشتراط النفع إما لأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم، فلم يزدادوا إلا عتوا وطغيانا، فقيل له هذا بعد إلزام الحجة بتكرار التذكير، وإما أن يكون ظاهره شرطا ومعناه ذم المخاطبين واستبعاد تأثير الذكرى فيهم. وعلى كل فإن التذكير مطلوب وإن لم ينفع، فقد ينفع البعض، وقد أخبر تعالى أن المنتفع بالتذكير هو من يخشى اللَّه سبحانه.
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى أي سيتعظ وينتفع بالذكرى من يخاف اللَّه تعالى، وهو إما مصدق باللَّه وبالبعث أو متردد في ذلك، كما قال تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق 50/ 45] . يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى
يتجنب الذكرى الكافر، فإنه أشقى من الفاسق. الَّذِي