ومثل فرعون وثمود، وكان كل الكفار سواء في التكذيب، فانتقم الله منهم لأنهم جميعا في قبضة القدرة الإلهية: وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ. وهذا شيء مثبت في اللوح المحفوظ ممتنع التغيير لقوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ.
وسبب نزول هذه السورة التي تدور على قصة أصحاب الأخدود: ما رواه مسلم في صحيحة وأحمد والنسائي، وموجزها: أن أحد ملوك الكفار وهو ذو نواس اليهودي واسمه زرعة بن تبّان أسعد الحميري، بلغه أن بعض رعيته آمن بدين النصرانية (?) ، فسار إليهم بجنود من حمير، فلما أخذوهم خيّروهم بين اليهودية والإحراق بالنار، فاختاروا القتل، فشقوا لهم الأخدود، وأضرموا فيه النار، ثم قالوا للمؤمنين: من رجع منكم عن دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في النار، فصبروا، فألقوهم في النار، فاحترقوا، والملك وأصحابه ينظرون.
قيل: قتل منهم عشرين ألفا، وقيل: اثني عشر ألفا، وقال الكلبي: كان أصحاب الأخدود سبعين ألفا.
والخلاصة: أن ذا نواس آخر ملوك حمير، وكان مشركا، قتل أصحاب الأخدود الذين كانوا نصارى، وكانوا قريبا من عشرين ألفا (?) .
المعتمد من قصص أصحاب الأخدود:
ما جاء في الصحاح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه كان لبعض الملوك ساحر، فلما كبر ضمّ إليه غلاما ليعلّمه السّحر، وكان في طريق الغلام راهب يتكلّم بالمواعظ لأجل الناس، فمال قلب الغلام إلى حديثه،