الكفر: وهو الستر والتغطية، ثم ذكر الرسول والإرسال ودين الحق، وكان الاعتراض عليه أولا من المشركين، ولأن أكثر الحاسدين للرسول صلى الله عليه وسلم من قريش، وهم المشركون. ولما كان النور أعم من الدين والرسول صلى الله عليه وسلم، ناسبه ذكر الكافرين الذين هم جميع مخالفي الإسلام، ولفظ الكافر أعم من لفظ المشرك، والرسول والدين أخص من النور، فناسبه ذكر المشركين الذين هم أخص من الكافرين (?) .
دلت الآيات على ما يأتي:
1- إن مخالفة أوامر الأنبياء والرسل موجبة لعقاب المخالفين، وقد أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يذكر لقومه العرب أنه لما أمر المؤمنون بالجهاد، فتثاقل بعضهم وتبرموا منه، كان حالهم كحال بني إسرائيل لما أمرهم موسى وعيسى بالتوحيد والجهاد في سبيل الله، خالفوا، فحل العقاب بمن خالف.
2- يريد الله الخير لعباده، ولا يضل أحدا بغير موجب، فلا يضل المهتدين، وإنما يضل الظالمين والفاسقين، ولما زاغ بنو إسرائيل (مالوا عن الحق) أزاغ الله قلوبهم، أي أمالها عن الهدى وعن الطاعة والإيمان والثواب.
3- نزل الإنجيل على عيسى عليه السلام متمما للتوراة التي نزلت على موسى عليه السلام، فلم يأتهم عيسى بشيء يخالف التوراة، فينفروا عنه، وقد بشرت التوراة بعيسى، وبشر عيسى بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر منطقي، لأن رسالات الأنبياء صلوات الله عليهم كلهم يكمل بعضها بعضا، فهي من مصدر واحد، وذات غاية واحدة تنحصر في الدعوة إلى توحيد الله وعبادته والإيمان بالرسل والملائكة والكتب الإلهية واليوم الآخر.