بذلك السلام ظاهرا، وهم يعنون الموت باطنا،
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: وعليكم.
روي في الصحيح لدى البخاري ومسلم عن عائشة: أن ناسا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم يا أبا القاسم، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم، وقالت عائشة: عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال عليه الصلاة والسلام: يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، فقلت: ألا تسمعهم يقولون: السام؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وأما سمعت ما أقول:
وعليكم، فأنزل الله تعالى: وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ أي والله تعالى يقول: وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [النمل 27/ 59] ويا أَيُّهَا الرَّسُولُ ويا أَيُّهَا النَّبِيُّ.
وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ أي يفعلون هذا، ويقولون فيما بينهم: لو كان محمد نبيا لعذبنا الله بما يتضمنه قولنا من الاستخفاف به، فأجاب الله تعالى عن قولهم: بأن جهنم تكفيهم، كما قال سبحانه:
حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها، فَبِئْسَ الْمَصِيرُ أي يكفيهم عذاب جهنم عن الموت الحاضر، يدخلونها، فبئس المرجع والمآل، وهو جهنم.
ثم ذكر الله تعالى آداب المناجاة حتى لا يكون المؤمنون مثل اليهود والمنافقين، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، إِذا تَناجَيْتُمْ، فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ أي يا أيها المؤمنون الذين يقتضي إيمانكم امتثال أمر الله، والابتعاد عن كل ما يتنافى مع الإيمان الصحيح، إذا تحدثتم سرا فيما بينكم، فلا تفعلوا مثلما يفعل الجهلة من اليهود والمنافقين، من التناجي بالمعصية والذنب. والاعتداء على الآخرين وظلمهم، ومخالفة النبي صلى الله عليه وسلم قائد الأمة ومنقذها من الضلالة.
وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي وتحدثوا بالطاعة وترك المعصية، وبالخير واتقاء الله فيما تفعلون وتتركون، فإنكم إليه