وأعقب هذا توضيحا لأثر السلطة والحكم، فإن فرعون استخف عقول قومه، حينما دعاهم إلى تكذيب موسى، فأطاعوه لضلالهم، فانتقم اللَّه منهم أشد الانتقام.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ. فَقالَ: إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ أي لقد بعثنا موسى مؤيدا بالمعجزات الدالة على صدقه وهي الآيات التسع المذكورة في سورة الإسراء [الآية 101] إلى فرعون وأشراف قومه وأتباعهم من القبط وبني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة اللَّه وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة ما سواه، وقال لهم: إني مرسل إليكم من اللَّه رب العالمين: الإنس والجن.
ومعجزاته: الطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، والسنين. أي نقص الزروع والأنفس، والثمرات، واليد، والعصا، فاستكبروا عن الإيمان بها وكذبوها وسخروا منها، كما قال تعالى:
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ أي فلما أتاهم بتلك الآيات والأدلة على صدقه، إذا فرعون وقومه يضحكون ويسخرون ممن جاءهم بها.
وقوله: إِذا هُمْ معناه أنهم فاجؤوا المجيء بها بالضحك عليها والسخرية منها.
وهذا تسلية لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عما يلقاه من صدود قومه عن دعوته.
وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها، وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي وما نري فرعون وملأه من كل حجة دالة على صدق موسى في دعواه الرسالة إلا كانت أعظم من سابقتها في الحجية عليهم، والدلالة على صحة دعوته إلى التوحيد، مع كون التي قبلها عظيمة في نفسها، لقوله: أُخْتِها أي مثيلتها وقرينتها في الدلالة على صدق نبوة موسى.