هذه الأقسام الثلاثة، وزيادة هذا القيد مفهومة من السياق، ويجب المصير إليها للتوفيق بين هذه الآية وبين الآيات الدالة على حصول الرؤية في يوم القيامة، مثل قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [القيامة 75/ 22- 23] .
3- احتجّ بهذه الآية: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا الإمام مالك والنّخعي على أن من حلف ألا يكلّم رجلا، فأرسل إليه رسولا، أنه حانث، لأن المرسل قد سمّي مكلّما للمرسل إليه، إلا أن ينوي الحالف المواجهة بالخطاب. قال ابن عبد البرّ:
ومن حلف ألا يكلّم رجلا فسلّم عليه عامدا أو ساهيا، أو سلّم على جماعة هو فيهم، فقد حنث في ذلك كله عند مالك. وإن أرسل إليه رسولا أو سلّم عليه في الصلاة، لم يحنث.
4- الصحيح عند أهل الحق أن الملك عند ما يبلّغ الوحي إلى الرسول، لا يقدر الشيطان على إلقاء الباطل في أثناء ذلك الوحي.
والملائكة يقدرون على أن يظهروا أنفسهم على أشكال مختلفة.
ولا يسمى كلام الله مع إبليس من غير واسطة وحيا من الله تعالى إليه.
5- حقيقة الوحي واحدة بالنسبة لجميع الأنبياء، ومظاهرها وأنواعها متعددة، ذكرت الآية منها هنا ثلاثة فقط.
6- ظاهر الآية: ما كُنْتَ تَدْرِي.. يدلّ على أنه لم يكن النّبي قبل الإيحاء متّصفا بالإيمان، والصّواب أن الأنبياء معصومون قبل النّبوة من الجهل بالله وصفاته والتّشكك في شيء من ذلك، وقد تعاضدت الأخبار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا، ونشأتهم على التوحيد والإيمان. وإنما المراد بالإيمان هنا: الشرائع والأحكام المعتمدة على الوحي الإلهي، فقد أطلق الإيمان على الصلاة في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ [البقرة 2/ 143] .