إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ.. خبر إِنَّ فيه وجهان: إما أنه محذوف، وتقديره: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم يعذبون أو نجازيهم. وإما قوله تعالى: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [الآية: 44] قال الرازي: والأول أصوب. وجملة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا: بدل من قوله:
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ ...
ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ.. ما قَدْ قِيلَ: في تأويل مصدر، نائب فاعل ل يُقالُ.
أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ بينهما مقابلة، والمراد بالهمزة هنا التي هي للاستفهام: الإقرار بأن الملحدين يلقون في النار، وأن المؤمنين يأتون آمنين.
اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ أمر يراد به التهديد والوعيد..
مَغْفِرَةٍ وعِقابٍ بينهما طباق.
يُلْحِدُونَ يميلون عن الحق والاستقامة، أي يؤولون الآيات تأويلا باطلا، ويطعنون فيها ويحرّفونها عن مواضعها فِي آياتِنا آيات القرآن والدلائل الدالة على قدرة الله وحكمته لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أي فنجازيهم على إلحادهم أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً؟ قابل الإلقاء في النار بالإتيان آمنا، مبالغة في الإشادة بحال المؤمنين اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ تهديد شديد إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وعيد بالمجازاة.
بِالذِّكْرِ القرآن وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ منيع لا يتأتى إبطاله وتحريفه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ لا يتطرق إليه الباطل من جميع جهاته سواء الأخبار الماضية أو الأحكام التشريعية حَكِيمٍ في جميع أفعاله، يضع الأمور في نصابها الصحيح حَمِيدٍ يحمده جميع خلقه بما أنعم من النعم الكثيرة عليهم.
ما يُقالُ لَكَ أي ما يقول لك كفار قومك من تكذيب إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ