يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ الجملة حال ثانية.
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً مقابلة بينهما، قابل بين حال السعداء وحال الأشقياء. والمقابلة كما تقدم: أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب.
حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ وضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على اختصاص ذلك بالكفرة.
وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ استعارة، تشبيها بحال الوارث وتصرفه في إرثه.
وَسِيقَ من السوق: وهو الحث على السير بعنف وشدة وإزعاج، بقصد الإهانة والاحتقار زُمَراً الزمر: جماعات أو أفواجا متفرقة مرتبة، بعضها إثر بعض، بمقدار تفاوتهم في الضلالة والشر فُتِحَتْ أَبْوابُها ليدخلوها، وهو جواب إذا، وفتح أبواب جهنم عند مجيئهم ليبقى حرها إليهم، إهانة لهم. وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها تقريعا وتوبيخا رُسُلٌ مِنْكُمْ من جنسكم آياتِ رَبِّكُمْ القرآن وغيره وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ويخوفونكم وقتكم هذا، وهو وقت دخولهم النار، قال البيضاوي: وفيه دليل على أنه لا تكليف قبل الشرع، من حيث إنهم عللوا توبيخهم بإتيان الرسل وتبليغ الكتب. وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ وجبت عليهم كلمة الله بالعذاب، وهو الحكم عليهم بالشقاوة بسبب أعمالهم، وأنهم من أهل النار، وقيل: هو قوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هود 11/ 119] .
قِيلَ: ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ أبهم القائل لتهويل ما يقال لهم خالِدِينَ فِيها ماكثين فيها على الدوام فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ اللام فيه للجنس، والمخصوص بالذم محذوف سبق ذكره، أي بئس المأوى جهنم، وهذا دليل على أن تكبرهم عن الحق سبب لدخول النار.
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً أي أسرع بهم بلطف إلى دار الكرامة جماعات، على تفاوت مراتبهم في الشرف وعلو الطبقة وَفُتِحَتْ أَبْوابُها أي والحال أنه قد فتحت لهم الأبواب قبل مجيئهم تكريما وتعظيما، وحذف جواب إِذا للدلالة على أن لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف، وأن أبواب الجنة تفتح لهم قبل مجيئهم منتظرين استقبالهم، والجواب المقدر: دخلوها سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يعتريكم بعد مكروه طِبْتُمْ طهرتم من دنس المعاصي