ما يريد، لا يمنعه شيء، فهذا التحوّل والتقلّب من عنصر الرطوبة إلى عنصر الحرارة، يدل على إمكان إعادة الرطوبة إلى ما كان يابسا باليا. والمشاهد أن شجر السّنط يوقد به النار وهو أخضر.
وقيل: المراد بذلك شجر المرخ والعفار ينبت في أرض الحجاز، فيأتي من أراد قدح نار، وليس معه زناد، فيأخذ عودين أخضرين منهما، ويقدح أحدهما بالآخر، فتتولد النار من بينهما، كالزناد تماما. ومثل ذلك احتكاك السّحب المولّد لشرارة البرق.
ودليل ثالث أعجب مما سبق:
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى، وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ أي إن من خلق السّموات السّبع بما فيها من الكواكب السّيارة والثّوابت، والأرضين السّبع بما فيها من جبال ورمال وبحار وقفار، وهي أعظم من خلق الإنسان، إن من خلق ذلك قادر على خلق مثل البشر وإعادة الأجسام، وهي أصغر وأضعف من السّموات والأرض، بلى هو قادر على ذلك، وهو الكثير الخلق، الواسع العلم، فقوله الْخَلَّاقُ إشارة إلى كمال القدرة، وقوله الْعَلِيمُ إشارة إلى شمول العلم.
والخلاصة: أن خلق الأشياء العظيمة برهان قاطع على خلق ما دونها، كما قال تعالى: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر 40/ 57] ، وقال سبحانه: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى؟ بَلى، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأحقاف 46/ 33] .
وتأكيدا للبيان ونتيجة لما سبق، قال تعالى: