والشاهد على العمل ينبغي أن يكون غيره، فجعل الأرجل والجلود من جملة الشهود، لتعذر إضافة الأفعال إليها.
روى مسلم والنسائي وابن أبي حاتم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ص قال: «يقول العبد يوم القيامة: لا أجيز علي إلا شاهدا من نفسي، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، وبالكرام الكاتبين شهودا، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بعمله، ثم يخلّى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدا لكنّ وسحقا، فعنكنّ كنت أناضل» .
ثم أوضح الله تعالى بعض مظاهر قدرته عليهم من إذهاب البصر والمسخ وسلب الحركة، فقال:
وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ، فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ، فَأَنَّى يُبْصِرُونَ؟ أي ولو نريد لأذهبنا أعينهم وأعميناهم، فصاروا لا يبصرون طريق الهدى، فلو بادروا إلى الطريق المألوفة لهم ليسلكونها، لم يستطيعوا، وكيف يبصرون الطريق وقد ذهبت أبصارهم؟
وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ، فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا، وَلا يَرْجِعُونَ أي لو شئنا لبدّلنا خلقهم، وحولنا صورهم إلى صور أخرى أقبح منها كالقردة والخنازير، وهم في أمكنتهم ومواضعهم التي هم فيها يرتكبون السيئات، فلا يتمكنون من الذهاب والمضي أمامهم، ولا الرجوع وراءهم، بل يلزمون حالا واحدا، لا يتقدمون ولا يتأخرون.
ثم حذرهم من تفويت فرصة الشباب والعمر، فقال تعالى:
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ، أَفَلا يَعْقِلُونَ؟ أي ومن نطل عمره، نرده إلى الضعف بعد القوة، والعجز بعد النشاط، أفلا يدركون ويتفكرون أنهم كلما تقدمت بهم السن، ضعفوا وعجزوا عن العمل؟ وأننا أعطيناهم الفرصة